تختبر الآن العديد من وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى وجه الخصوص “انستغرام” خاصية جديدة، ومن المحتمل أننا سوف نشهد في القريب العاجل اختفاء “اللايك”. ولكن كيف سيؤثر ذلك على المدونين والأشخاص الآخرين الذين يكسبون من هذه المنصات؟
لا يمكن إنكار حقيقة أن “اللايك” فقد قيمته، في الآونة الأخيرة. حيث يمكن الآن لأي شخص أن يشتري أي قدر يريد من “اللايكات” وبأسعار زهيدة. ففي المتوسط يبلغ سعر 1000 لايك من البوتات الميتة حوالي دولار واحد، حيث يتم شراؤها لإعطاء المنشور أو المجموعة أو الصفحة ثقل أكبر وحجم أكبر من حجمه الأصلي.
بينما البوتات الأغلى سعرا، فيمكنها أن تترك تعليقا نصيا أو عبارة عن رسوم ورموز تعبيرية. وتتميز هذه البوتات بأنها تمتلك حسابا قريب جدا من الحسابات الحقيقية، فيمكنك ملاحظة وجود أصدقاء لديه وبعض الصور، ولكن عدد قليل جدا من المنشورات والمشاركات.
ولهذا، أعلنت وسائل التواصل الاجتماعية الحرب ضد البوتات المتمردة، حيث سيتم إغلاق جميع الحسابات المشتبه بها، وإلغاء زر “اللايك” تماما. والسؤال الذي يطرح نفسه، من كان بحاجة إلى “اللايك” ولماذا؟ وكيف سيؤثر ذلك في المستقبل؟
ما الغرض من وجود “اللايك”؟
دعونا نتعمق أكثر في جوهر المشكلة ونتذكر لماذا يحتاج المدون إلى امتلاك أعداد كبيرة من المتابعين (حتى ولو كانوا بوتات)؟ الجواب وبكل بساطة: كلما زاد عدد المتابعين، كلما ارتفع سعر الإعلان لديه وأصبح من السهل بيع الإعلانات والحصول على متابعين جدد.
بالنسبة للمعلن، تعد الإعجابات والمشتركين هي المؤشر الأول وأحيانًا المؤشر الوحيد لتقييم قوة الحساب. وبعدها يختار المعلن المدونين للترويج لمنتجاته أو خدماته، وبعد الحصول على اللإحصائيات يختار أفضل المدونين ويستمر بالعمل معهم، وطبعا من يملك أكبر قدر ممكن من الإعجابات والمشتركين.
وهناك بعض العلامات التجارية مستعدة لدفع مبالغ مالية طائلة لمجرد ذكر اسمها على قناة أحد المدونين، وذلك لزيادة الوعي بالعلامة التجارة فقط، حيث يمكن أن لا تحصل مباشرة على مبيعات أو حتى زيادة بالإعجابات والتفاعل عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
لماذا سيتم إلغاء “اللايك” (الإعجاب)؟
على ما يبدو أن التخلص من الأداة، والتي كانت ولا تزال من الأدوات الرئيسية في الشبكات الاجتماعية، يعود إلى مزيج من العوامل على الأرجح، منها:
عوامل اقتصادية وترويجية. تعد الإعجابات المقياس الرئيسي الذي يظهر مدى شهرة المدون، وبناء على عدد الإعجابات يقرر المعلنون العمل أم لا معه. وهناك معادلة بسيطة يتبعها المعلنون (الكثير من الإعجابات = معدل وصول كبير = مبيعات أكثر). ولكن توقفت هذه المعادلة عن العمل عند ظهور أعداد ضخمة من البوتات التي تضع إعجابات وهمية وحتى تعليقات وإعادة المشاركة، وبناء على ذلك توصل المعلنون إلى استنتاجين، 1) جزء من الجمهور لا وجود له بالأصل، ولن تتم المبيعات المرادة. 2) الجمهور الكبير لا يعني الجمهور المستهدف، وهنا بدأت العلامات التجارية بالتفكير أنها لا تحتاج إلى إعجابات بل إلى مبيعات.
جودة المحتوى. كانت الإعجابات مؤشرًا على جودة المنشورات. وهنا يوجد معادلة أيضا (الكثير من الإعجابات = منشور جيد). ومع ظهور الإعجابات الوهمية، أصبح المدونون المبدعون والذين يقدمون محتوى عالي الجودة في خطر، ولا يتم تقييم محتواهم بالشكل المطلوب والصحيح.
العامل الأخلاقي. بدأ العالم في كفاح المنشورات الوهمية والصور المعدلة بشكل جيد في برامج محرر الصور والتي تستحوذ على مئات الآلاف من الإعجابات.
ما الخطوة التالية بعد اختفاء اللايك؟
بطبيعة الحال، فإن الإعلانات باستخدام الحسابات الشهيرة والتي تمتلك متابعين كثر لن تتوقف أو تختفي، ولكن ستأخذ منحني آخر تماما.
بالنسبة للعلامات التجارية:
- سيتغير مبدأ اختيار المدونين. بعد إزالة البوتات من جميع الحسابات، يمكن للمعلنين التأكد من أن جميع المتابعين عبارة عن أشخاص حقيقيين وستظهر لهم الإعلانات المدفوعة من قبلهم، ويبقى فقط الاستهداف الصحيح للجمهور.
- ستتغير الإحصائيات. على الأرجح، سيتمكن المدونون من رؤية إحصاءات المنشور (معدل الوصول، التفاعل، معدل النقرات، إلخ) ويمكن إعطاء وصول للمعلن ليطلع عليها. وإن التخلص من الإعجابات سيؤدي في النهاية إلى تحويل تركيز الانتباه إلى إجراءات حقيقية ستدفع مقابلها العلامات التجارية.
بالنسبة للمدونين:
- سيتعين على المدون العمل بجد أكثر وعلى جودة أفضل للمحتوى. بينما سيكون للمدونين الناشئين فرصة أكبر لجذب الانتباه.
- سيتوجب على المدونين أيضا معرفة كيفية تقييم الجمهور المتابع لهم، وجذب فقط أولئك الذين يهتمون لما يقدموه واكتساب ثقتهم والعمل بعفوية وقدر الإمكان بطبيعتك، وذلك بالحصول على طلبات للإعلانات عبر مدونتك.
- اختيار المعلنين. عندما تبدأ العلامات التجارية في الدفع مقابل المبيعات فقط، سيكون من الضروري اختيار العلامات التجارية بعناية، حيث أن التطابق بين الجمهور والمنتج الذي يتم الترويج له، سيعود بالفائدة لكلا الطرفين.
ولهذا السبب، فإننا نصح العلامات التجارية بالتعلم على كيفية العمل مع شبكات التواصل الاجتماعي بنموذج الدفع مقابل المبيع، بينما ننصح المدونين، زيادة جودة المحتوى الذي يقدمونه والبحث عن أنواع جديدة منه وأفكار إبداعية تجلب له وللمتابعين الفائدة.